ماتقول لربك غدا؟!
فى هذه المقالة نحاول أن نعيش لحظات فى رحاب عمربن الخطاب رضى الله عنه،ونأخذ من المشهد المكتوب عَوض ما فاتنا من المشهد الحى،ونلقى السمع والبصر والفؤاد بين يدى القوى الأمين والمعلم الذى ليس له نظير،ونقضى فى مَعيِته لحظات ترفع من قدر حياتنا؛ حيث كانت سجاياه وعظمته تملأالزمان والمكان يما لاعين رأت ولا أذن سمعت من عدالة الحاكمين ،وزهد القادرين،وإخبات الناسكين فى قوة الودعاءالراحمين،ووداعة الأقوياء المتقين!
ومَعِيّة أمير المؤمنين،إنها شئ مختلف جدا عن معيّات غيره..فلا مكان فيها لأطايب الطعام،ومناعم الشراب،ومباهج الحياة..لامكان للفرش المرفوعة،ولا للأكواب الموضوعة،ولا للمنارق المصفوفة،ولا للزرابى المبثوثة ،لامكان للراحة ..لامكان للزهو.لامكان للزلفى فها هو الإنسان الإلهى الذى يجرى فى وقت الحر القاتل وراء بعير من أموال الأمة ،ويلقاه على بن أبى طالب كرم الله وجهه،فيسأله: على أين طالب : -" إلى أين ياأمير المؤمنين "؟فيجيبه:بعير ندّ من إبل الصدقة أطلبه يقول له على :لقد اتعبت الذين سيجيئون بعدك.. !!قيجيبه عمر رضى الله عنه بكلمات متهدجة:"والذى بعث محمدا بالحق،لو أن، عنزاذهنت بشاطئ الفرات،لأخذ بها عمر يوم القيامة".. !!
أو الذى يصحب زوجته فى الهزيع الأخير من الليل حاملا على كتفيه وفى يديه جراب الدقيق،وقربة الماء،ووعاء السمن،حيث تتولى زوجته أمر سيدة غريبة أدركها المخاض،وحيث يجلس هوخارج الكوخ ينضج لها طعام الوالدات.. !أو الذى يتأخر عن خطبة الجمعة،ثم يجئ مهرولا فى بردة بها إحدى وعشرون رقعة،تحتها قميص لم يجف بعد من البلل ،ثم لايكاد يصعد على المنبرفيعتذر للناس عن تأخره فيقول:"حبسنى عنكم قميصى هذا.كنت أنتظره حتى يجف..إنه ليس لى قميص غيره".. !!كانت كل تصرفات عمر تسير وفق إجلال لله فريد.
أجل إن عمر يخشى ربه خشية،وبوقره توقيرا،حتى أنه ليكاد يذوب ويتحلل كلما هوّمت حوله من بعيد ومضة من ومضات ربه ذى الجلال والإكرام.وكان لايفتأ يرددلنفسه هذا اللحن المهيب :"ما تقول لربك غدا".. !!إن هذه العبارة،يتمثل دين عمر ومنهاجه،وتستمد حياته معاييرها وموازينها أكان عمر يخاف الله خوف العبد الذى يرهبه قرع العصا ولذع السياط.. ؟!! لا ؛ وإنما كان يخشاه خشية الحر الذى يرجو لربه وقارا،ويضرع إليه إجلالاوإكبارا،ويخجل أن يلقاه بتقصير،وهذا هونشيده دوما"كنت وضيعا فرفعك الله،وكنت ضالا فهداك الله،وكنت ذليلا فأعزك الله،فما تقول لربك غدا إذا أتيته.. !!إن عمر تربى على يدى رسول الله أحسن تأديب،وإنه ليتابع الرسول فى غير جنف أو ميل،وأنه لذُونسك عظيم،وإنه لنسيج وحده فى ورعه،وإخباته،وزهده وتقواه .لا شئ يؤرقه فى نومه،ويقلقه فى صحوه مثل الخشية من أن يسأله ربه غدا فى عتاب"لماذا فعلت هذه ياعمر"؟؟من أجل هذا يترك الطيبات والمباهج التى أحلها الله،خشية أن تتنكر فيها "هذه"التى يخشى السؤال عنها من الله..!! وهذه ، هى التى رمزأى فعلة مجهولةنتحمله على أن يقضى عمره كله جوّابا داخل نفسه وخارجها باحثا غن "هذه"…ومجاذرا أن يقترف هفوة وهو لايدرى.. زاره يوما حفص أبى العاص،وكان عمرجاسا إلى طعامه،فدعا إليه حفصا ،ولكن حفصا رأى القديد اليابس الذى يأكل منه عمر،فلم يشأ أن يكبد نفسه عناء إزدراده ،وأدرك أمير المؤمنين سرّ عزوفه عن طعامه ،فرفع بصره نحوه وسأله:"مايمنعك عن طعامنا؟" ولم تنقص الصراحة حفصا فقال:إنه طعام جَشب غليظ وإنى راجع إلى بيتى فأصيب طعاما ليّنا قد صنع لى. فقال له عمر:أترانى عاجزا عن أن آمر بصغار المعزَى
،فيلقى عنها شعرها،وآمربرقاق البر،فيخبزخبزا رقاقا،وآمربصاع من زبيب فبلقى فى سمن.حتى إذا صارمثل عين الحجل صبّ عليه الماء،فيصبح كأنه دم غزال لفآكل هذا وأشرب هذا.. !!فقال له حفص وهو يضحك:- إنك بطيب الطعام لخبير..واستأنف عمر حديثه فقال:- والذى نفسى بيده،لولاأن تنقص حسناتى لشاركتكم فى لين عيشكم – ولوشئت لكنت أطيبكم طعاما،وأرهفكم عيشا،ولنحن أعلم بطيب الطعام من آكليه،ولكننا ندعه ليوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حَمل حَملها..وإنى لأستبقى طيباتى،لأنى سمعت الله تعالى يقول عن أقوام،"أذهبتم طيباتكم فى حياتكم الدنيا واستمتعتم بها.".!! هكذا عزله حياؤه من الله سبحانه وتعالى ،عن كل ترف بل عن كل راحة فى الدنيا وأبى أن يصيب وأهله من الطعام إلاتقوُّتاً ،ومن العيش إلا كِفافا ويحدثنا جابر بن عبدالله فيقول: - "رأى عمر بن الخطاب لحما معلقل فى يدى،فسألنى : ماهذا ياجابر ؟فقلت هو لحم إشتهيته فاشتريته ،فقال أوَ كلما اشتهيت إشتريت ،أما تخاف أن يقال لك يم القيامة"أذهبتم طيباتكم فى الحياة الدنيا" فأمام كل لقمة شهية..وأمام كل شربة ماء باردة..وأمام كل ثوب جديد تسّاقط دموعه ..تلك الدموع التى تركت تحت مقلتيه خطين أسودين من فرط بكائه،ويصلصل داخل نفسه هذا النذير"ما تقول لربك غدا".. !! هذا هو جبار الجاهلية،وعملاق الإسلام.هذا هو أمير المؤمنين،الذى تفتحت لأعلامه الخفاقات أقطار الدنيا،واستقبل الناس جيوشه كأنها البُُشريات . وإذا أردنا أن نعبر عن إنبهارنا البالغ أشَّده،فلنوفرعلى أنفسنا عناء مالاَ يطمع فيه ولايقدر عليه،ولتسعنا فى هذا الموطن كلمة عبدالله بن مسعود: - لله دَر إبن الخطاب،أى امْرِئِ كان.
من قراءاتى
فى هذه المقالة نحاول أن نعيش لحظات فى رحاب عمربن الخطاب رضى الله عنه،ونأخذ من المشهد المكتوب عَوض ما فاتنا من المشهد الحى،ونلقى السمع والبصر والفؤاد بين يدى القوى الأمين والمعلم الذى ليس له نظير،ونقضى فى مَعيِته لحظات ترفع من قدر حياتنا؛ حيث كانت سجاياه وعظمته تملأالزمان والمكان يما لاعين رأت ولا أذن سمعت من عدالة الحاكمين ،وزهد القادرين،وإخبات الناسكين فى قوة الودعاءالراحمين،ووداعة الأقوياء المتقين!
ومَعِيّة أمير المؤمنين،إنها شئ مختلف جدا عن معيّات غيره..فلا مكان فيها لأطايب الطعام،ومناعم الشراب،ومباهج الحياة..لامكان للفرش المرفوعة،ولا للأكواب الموضوعة،ولا للمنارق المصفوفة،ولا للزرابى المبثوثة ،لامكان للراحة ..لامكان للزهو.لامكان للزلفى فها هو الإنسان الإلهى الذى يجرى فى وقت الحر القاتل وراء بعير من أموال الأمة ،ويلقاه على بن أبى طالب كرم الله وجهه،فيسأله: على أين طالب : -" إلى أين ياأمير المؤمنين "؟فيجيبه:بعير ندّ من إبل الصدقة أطلبه يقول له على :لقد اتعبت الذين سيجيئون بعدك.. !!قيجيبه عمر رضى الله عنه بكلمات متهدجة:"والذى بعث محمدا بالحق،لو أن، عنزاذهنت بشاطئ الفرات،لأخذ بها عمر يوم القيامة".. !!
أو الذى يصحب زوجته فى الهزيع الأخير من الليل حاملا على كتفيه وفى يديه جراب الدقيق،وقربة الماء،ووعاء السمن،حيث تتولى زوجته أمر سيدة غريبة أدركها المخاض،وحيث يجلس هوخارج الكوخ ينضج لها طعام الوالدات.. !أو الذى يتأخر عن خطبة الجمعة،ثم يجئ مهرولا فى بردة بها إحدى وعشرون رقعة،تحتها قميص لم يجف بعد من البلل ،ثم لايكاد يصعد على المنبرفيعتذر للناس عن تأخره فيقول:"حبسنى عنكم قميصى هذا.كنت أنتظره حتى يجف..إنه ليس لى قميص غيره".. !!كانت كل تصرفات عمر تسير وفق إجلال لله فريد.
أجل إن عمر يخشى ربه خشية،وبوقره توقيرا،حتى أنه ليكاد يذوب ويتحلل كلما هوّمت حوله من بعيد ومضة من ومضات ربه ذى الجلال والإكرام.وكان لايفتأ يرددلنفسه هذا اللحن المهيب :"ما تقول لربك غدا".. !!إن هذه العبارة،يتمثل دين عمر ومنهاجه،وتستمد حياته معاييرها وموازينها أكان عمر يخاف الله خوف العبد الذى يرهبه قرع العصا ولذع السياط.. ؟!! لا ؛ وإنما كان يخشاه خشية الحر الذى يرجو لربه وقارا،ويضرع إليه إجلالاوإكبارا،ويخجل أن يلقاه بتقصير،وهذا هونشيده دوما"كنت وضيعا فرفعك الله،وكنت ضالا فهداك الله،وكنت ذليلا فأعزك الله،فما تقول لربك غدا إذا أتيته.. !!إن عمر تربى على يدى رسول الله أحسن تأديب،وإنه ليتابع الرسول فى غير جنف أو ميل،وأنه لذُونسك عظيم،وإنه لنسيج وحده فى ورعه،وإخباته،وزهده وتقواه .لا شئ يؤرقه فى نومه،ويقلقه فى صحوه مثل الخشية من أن يسأله ربه غدا فى عتاب"لماذا فعلت هذه ياعمر"؟؟من أجل هذا يترك الطيبات والمباهج التى أحلها الله،خشية أن تتنكر فيها "هذه"التى يخشى السؤال عنها من الله..!! وهذه ، هى التى رمزأى فعلة مجهولةنتحمله على أن يقضى عمره كله جوّابا داخل نفسه وخارجها باحثا غن "هذه"…ومجاذرا أن يقترف هفوة وهو لايدرى.. زاره يوما حفص أبى العاص،وكان عمرجاسا إلى طعامه،فدعا إليه حفصا ،ولكن حفصا رأى القديد اليابس الذى يأكل منه عمر،فلم يشأ أن يكبد نفسه عناء إزدراده ،وأدرك أمير المؤمنين سرّ عزوفه عن طعامه ،فرفع بصره نحوه وسأله:"مايمنعك عن طعامنا؟" ولم تنقص الصراحة حفصا فقال:إنه طعام جَشب غليظ وإنى راجع إلى بيتى فأصيب طعاما ليّنا قد صنع لى. فقال له عمر:أترانى عاجزا عن أن آمر بصغار المعزَى
،فيلقى عنها شعرها،وآمربرقاق البر،فيخبزخبزا رقاقا،وآمربصاع من زبيب فبلقى فى سمن.حتى إذا صارمثل عين الحجل صبّ عليه الماء،فيصبح كأنه دم غزال لفآكل هذا وأشرب هذا.. !!فقال له حفص وهو يضحك:- إنك بطيب الطعام لخبير..واستأنف عمر حديثه فقال:- والذى نفسى بيده،لولاأن تنقص حسناتى لشاركتكم فى لين عيشكم – ولوشئت لكنت أطيبكم طعاما،وأرهفكم عيشا،ولنحن أعلم بطيب الطعام من آكليه،ولكننا ندعه ليوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حَمل حَملها..وإنى لأستبقى طيباتى،لأنى سمعت الله تعالى يقول عن أقوام،"أذهبتم طيباتكم فى حياتكم الدنيا واستمتعتم بها.".!! هكذا عزله حياؤه من الله سبحانه وتعالى ،عن كل ترف بل عن كل راحة فى الدنيا وأبى أن يصيب وأهله من الطعام إلاتقوُّتاً ،ومن العيش إلا كِفافا ويحدثنا جابر بن عبدالله فيقول: - "رأى عمر بن الخطاب لحما معلقل فى يدى،فسألنى : ماهذا ياجابر ؟فقلت هو لحم إشتهيته فاشتريته ،فقال أوَ كلما اشتهيت إشتريت ،أما تخاف أن يقال لك يم القيامة"أذهبتم طيباتكم فى الحياة الدنيا" فأمام كل لقمة شهية..وأمام كل شربة ماء باردة..وأمام كل ثوب جديد تسّاقط دموعه ..تلك الدموع التى تركت تحت مقلتيه خطين أسودين من فرط بكائه،ويصلصل داخل نفسه هذا النذير"ما تقول لربك غدا".. !! هذا هو جبار الجاهلية،وعملاق الإسلام.هذا هو أمير المؤمنين،الذى تفتحت لأعلامه الخفاقات أقطار الدنيا،واستقبل الناس جيوشه كأنها البُُشريات . وإذا أردنا أن نعبر عن إنبهارنا البالغ أشَّده،فلنوفرعلى أنفسنا عناء مالاَ يطمع فيه ولايقدر عليه،ولتسعنا فى هذا الموطن كلمة عبدالله بن مسعود: - لله دَر إبن الخطاب،أى امْرِئِ كان.
من قراءاتى
الخميس سبتمبر 11, 2014 7:54 pm من طرف نتالي
» (العربية) ماهر زين - ان شاء الله
الجمعة فبراير 18, 2011 3:30 pm من طرف Medo Ali
» ضربات ترجيحيه اسبانيا وايطاليا
الجمعة فبراير 18, 2011 3:28 pm من طرف Medo Ali
» الشوالي يشهد لكاسياس بأنه الافضل
الجمعة فبراير 18, 2011 3:21 pm من طرف Medo Ali
» اروع 10 صدات فى تاريخ كره القدم لأقوى حراس العالم
الجمعة فبراير 18, 2011 3:16 pm من طرف Medo Ali
» ابداعات كاسياس
الجمعة فبراير 18, 2011 3:13 pm من طرف Medo Ali
» قصتي مع طريق الموت...وما رأيت فيه من مشهد مروع وأليم..!!
الثلاثاء يناير 25, 2011 4:29 am من طرف Medo Ali
» موقف مؤلم رأيته بعيني حينما .. رأيت الحادث الفاجعة وحصل فيه موقف أبكاني !!!!!
الثلاثاء يناير 25, 2011 4:29 am من طرف Medo Ali
» لحـظـة نجـاة!!
الثلاثاء يناير 25, 2011 4:28 am من طرف Medo Ali