إن كان قال،فقد صدق

إن كان قال،فقد صدق

فى ضحى إحدى الأيام إجتاح أهل مكة جميعا حديث أثاركل مافى أنفسهم من دهشة وعجب . فقدكان أبوجهل ذاهبا لبعض شأنه حين مر بالكعبة فأبصر رسول الله جالسا وحده فى المسجد الحرام ، صامتا مفكرا. وأراد أبو جهل أن يؤذى الرسول ببعض سخرياته .فاقترب منه وسأله: "أولم يأتك الليلة شئ جديد..؟" فرفع الرسول رأسه نحوه وأجاب فى جد : " نعم أسرى بى الليلة إلى بيت المقدس بالشام ." فقال أبو جهل مستنكرا:- وأصبحت بين أظهرنا ..!! قال عليه الصلاة و السلام : نعم.. وهنا صاح أبو جهل فى جنون :" يابنى كعب بنى لؤى، هلموا"..و أقبلت قريش ينادى بعضها بعضا ولم يكن الرسول قدحدث أحدا من أصحابه المؤمنين بنبأ الإسراءبعد..وتجمع الناس عند الكعبة ، ومضى أبو جهل يحدثهم فى حبور بما سمع ،فقدظنها الفرصة المواتيةالتى سينفض عن الرسول كل من آمن به
وتقدم واحد من المسلمين، وسأل الرسول :"أحقا أسرى بك الليلة يارسول الله.؟" فأجاب الرسول:"نعم وصليت بإخوانى الأنبياءهناك " وسرى فى الجمع المحتشد خليط متنافر من المشاعر المهتاجة .ورحب المشركون بما سمعوا ،ظانين أن فى هذا النبأ نهاية رسول الله وساورت الشكوك فريقا المسلمين . وسعى بعض رجالات قريش إلى بيت أبى بكر فرحين شامتين، لايخاجهم ريب فى أنهم سيعودون ومعهم ردته عن هذا الدين ،فأبوبكر يعرف أكثر من غيره،مايحتاجه قطع المسافة بين مكة والشام من سفر مضن وزمان طويل .
فكيف بالذى راح ورجع وصلى هناك..كل ذلك فى بضع ساعات !! بلغوا دار أبى بكر،وصاحوا به:- "ياعتيق..كل أمر صاحبك قبل اليوم كان أمما – يعنى هينا ومحتملا – أما الأن فأخرج لتسمع..وبزغ عليهم أبو بكردهشا تجمله سكينته ووقاره وسألهم:"ماذا وراءكم..؟ "قالوا صاحبك" وأنتفض أبوبكروقال – ويحكم ..هل أصابه سوء..؟! وتراجع القومقليلا وأذدردكل منهم ريقه فى مشقة وقال قائلهم :- إنه عند الكعبة،يحدث الناس أن ربه أسرى به الليلة إلى بيت المقدس ، وتقدم آخريكمل الحديث ساخرا وقال :- ذهب ليلا ، وعاد ليلا وأصبح بين أظهرنا . فأجابهم أبو بكر وقد تهلل محباه: _ أى بأس فى هذا .؟ إنى أصدقه فيما هو أبعد من ذلك .أصدقه فى خبرالسماء يأتيه فى غدوه أورَوْحه.. ثم أطلق عبارته الصامدة.."إن كان قال، فقد صدق " إذا كان وافد السماء وسفيرها ، يغدو ويروح بين السماء والأرض فى لحظة ملقيا على القرآن على قلب الرسول ليكون من المنذرين . وإذا كان أبو بكر قد آمن بهذا ، ففيم يشك بعد هذا..؟ فى سفر الرسول إلى بيت المقدس وأوبته منه فى ليلة واحدة؟ وأى بأس ..إن الزمان والمكان ..وأن البعدوالقرب..كل أولئك الأمورتتعلق بقدرة الناس. أما قدرة الله الذى يقول للشئ كن فيكون ، فما الزمان ولا المكان أمام قدرته ..؟؟ ماالبعاد ،و الآماد، أمام مشيئته ..؟؟ ليست المشكلة إذن :كيف ذهب الرسول إلى بيت المقدس وعاد منه فى ليله ولكن المشكلة هى هل قال محمد ذلك ..؟ "إن كان قال فقد صدق:..!!! ولقد تحدث الرسول فيما بعد كثيرا عن أبى بكلر. وكان مما قاله عنه :" ما لأحد عندنا من يد ،إلا وقد كافأناه بها ،ماخلاأبابكر،فإن له عندنا يدا يكافئه بها الله يم القيامة. "ومانفعنى مال أحد قط ،مثلمانفعنى مال ابى بكر" .. "وماعرضت الإسلام على أحد إلا كانت له كبوة عدا أبى بكر، فإنه لم يتلعثم " ..!! هذا أصدق وصف وإذكاء لإيمان أبى بكر .. لقد إصطفاه الله ليكون لرسوله الصديق ، وثانى إثنين ، إن عظمة هذا الرجل ماثلة فى إيمانه ..ماثلة فى أنه مارس فوق أرض البشر وفى دنيا الناس نوعا من الإيمان جد عجيب إن الإيمان الجى الذى يحمله أبو بكر فى هدوء ، إنما هو قدر هائل لايصمد أمامه عقبة أومستحيل .إن الأمر ليبدو كما لو كان الله سبحانه وتعالى حين إصطفى"محمداً" عليه السلام ليكون رسوله إلى الناس أجتبى معه فى نفس اللحظة"أبابكر" رضى الله عنه ، ليكمل دور الرسول صلى الله عليه وسلم .وحين تتطلع حياتنا الإنسانية إلى أساتذة تتلقى عنهم ومن سيرتهم فن الإيمان ، فإنها واجدة على رأس تلك القلة النادرةالباهرة ، رجل الإسلام الكبير " أبو بكر الصديق "
ا